إعداد
الدكتور حمد بن محمد الهاجري
أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة جامعة الكويت
حكم الديمقراطية في الإسلام
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومن تبع هداه وسار على نهجه إلى يوم الدين أما بعد:
فلقد أصبحت الديمقراطية شعارا يُرفع، وراية يُعمل تحت لوائها، يغنون لها، ويتاجرون على حسابها، بل أصبحت نظاما للحكم في العديد من الدول، حتى هذه التي تقول أن دينها الرسمي هو الإسلام.
وتصورت أعداد كبيرة من البشر أن المشاكل التي يعانون منها سببها الرئيسي هو غياب الديمقراطية الحقيقية، ويوم تطبق الديمقراطية بحذافيرها فسيعيشون في جنة على ظهر الأرض.
وإنه لمن المؤسف جدا أن ترى أن أكثر أصحاب الأقلام، من مفكرين وأحزاب سياسية، لا تتحدث إلا عن الديمقراطية، ولا تحاسب ما تراه في نظرها من أخطاء إلا من منطلقات الديمقراطية.
إن الديمقراطية - أيها الإخوة – هي حكم الشعب للشعب، إن الديمقراطية تعني أن نحتكم إلى الشعب ولا نحتكم إلى شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعني أن نحكِّم المجالس التشريعية حتى ولو خالفت شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعني أن نطبق ما وافق عليه غالبية أعضاء المجلس ولو كان مخالفا لشرعة ربنا.
وهذه - أيها الأفاضل – مخالفة صريحة لما أمرنا الله عز وجل به من الاحتكام إلى شريعته ونبذ قوانين البشر؛ حيث يقول: "إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ" [يوسف:40]، وقال سبحانه: "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [المائدة:50]، وقال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ" [الأحزاب:36].
فالله عز وجل نهانا - في هذه الآيات - أن نحتكم إلى شريعة أو قانون غير شريعته.
أيها المسلمون: إن الديمقراطية من وضع وتأصيل أعداء الإسلام، واجهوا بها علماء ضلال ووثنية، وكهنة شر وفساد، وواجهوا بها دكتاتوريات بلغت غاية الاستبداد والظلم، سحقت تلك الدكتاتوريات شعوبها سحقا، بعد أن استعبدتها، وسلبتها حرياتها سلبا مهلكا، وحولتها إلى قطعان أحط من الحيوانات.
وليس لهؤلاء المظلومين المنهوكين دين يواجهون به هذا الواقع، فاخترعوا ما يسمى الديمقراطية أي حكم الشعب للشعب، لأنه ليس لهذه الشعوب أديان يوجد فيها العدل والإنصاف والعقائد الصحيحة، فوجدوا فيها متنفسا، على فجورها وكفرها وظلمها وانحطاطها، وتحللها من الأخلاق الإنسانية.
أما نحن المسلمون فلسنا بحاجة إلى الديمقراطية، وإنما أبدلنا الله بها بشريعته الإسلامية فإذا كانوا يتحاكمون إلى قوانين البشر، فنحن نتحاكم إلى قوانين رب البشر { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة 50 .
...
أيها المسلمون: إن حل مشاكلكم لا يكمن في الديمقراطية ولا في الدكتاتورية ولا غيرها من الأنظمة البشرية المخالفة لشرعة رب البرية، وإنما يكمن والله الذي لا إله إلا هو في الإسلام، في عقائده وتشريعاته ومنهجه، فلا خير للبشرية إلا في ظل تعاليمه، ولا عز للإنسانية إلا بتطبيقه وتحكيمه .
وفي دنينا الوفاء والحل لكل ما تطلبه الحياة، قال الله تعالى ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ﴾ المائدة 3 .
وكل المشاكل التي حلت بالمسلمين، فإنما هي من ثمار تفريطهم في كثير من أمور دينهم، ولا حل لهذه المشاكل إلا بالجد في الأخذ بدين الإسلام جمعيا وتطبيقه.
فالحق في الإسلام وحده، والعقائد الصحيحة في الإسلام وحده، والعدل والإنصاف في الإسلام وحده، والرحمة والبر والإحسان على الوجه الذي يرضي الله، إنما هي في الإسلام .
أيها المسلمون: إن الواجب على حكام المسلمين وولاة أمرهم تحكيم شريعة رب العالمين، ونبذ ما خالفها من الأنظمة البشرية كالديمقراطية ونحوها.
وللمقال بقية،، وللأمانة،، فقد تصرفت في الموضوع بحذف بعض الفقرات اختصارا
ومن أراده كاملا يجده في المرفقات..