السؤال للفتوى رقم 164:
نريد الاستفسار حول حكم القسم الذي يؤديه المحامي قبل مباشرة عمله فأنتم كما تعلمون أنّه لا يمكن لأي محامٍ أن يصبح كذلك حتى يؤدي اليمين القانونية وصيغته كالتالي:
(أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي أعمالي بأمانة وشرف وأن أحافظ على سر المهنة وتقاليدها وأهدافها النبيلة، وأن أحترم القوانين).
والذي نريد أن نوضحه لكم ونستفسر عنه هو إذا كان المحامي مستقيما وطالب علم شرعي ويخشى الله تعالى فإنّه لا يمكنه مباشرة أي قضية حتى يزنها بميزان الشرع فإن لم يجد معارضة للشرع أقدم عليها. والمحامي بما أنّه يعمل لحسابه الخاص فهو أمير نفسه وله مجال واسع في اختيار القضايا التي يقتنع وجود الظلم فيها وعلى هذا يكون سؤالنا باختصار:
هل يجوز للمحامي أن يؤدي هذا اليمين معتقدا وقاصدا في جزئه الخاص - وأن أحترم القوانين- احترام القوانين المسايرة للشرع دون غيرها من القوانين؟
أثابكم الله وجزاكم خيرا.
الجواب:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالمحامي هو الوكيل بالخصومة، فإن كانت مرافعته في القضاء الشرعي المنبثق من الشريعة الإسلامية، فإنّ حكم مرافعته يختلف باختلاف نوع الحماية التي يقوم بها، خيراً كانت أم إثما، وحكم الحالتين منصوص عليه في قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِّرِّ وَالتَقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2].
أمّا إذا كانت المرافعة فيما عدا القضاء الشرعي من التشريعات الوضعية المنافية له، فإنّها تُعدّ من التحاكم إلى غير شرع الله تبارك وتعالى، فحكمه إن لم يكن كفرا فهو محرّم باتفاق، لقوله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:65] وقال عزّ وجلّ: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَّتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَّكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُّضِلَهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾ [النساء:60] والآيات متضافرة في هذا المعنى.
والقَسَمُ من لوازم العمل، والحكم على صفة العمل هو حكم على لازمه.
والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّ اللّهم على محمّـد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.
الجزائر في: 24 رمضان 1422ﻫ الموافق ﻟ: 10 ديسمبر 2001م
موقع الشيخ فركوس ـ حفظه الله ـ.