كيفية التعامل مع غير المسلمين في نطاق العمل
خالد بن سعود البليهد
السؤال :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أنا رجل اعمل في شركه وفى هذه عمال كثر من عده طوائف .كيف أتعامل معهم هل أسلم عليهم أم لا يجوز لي ذلك وجزاك الله خير ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. يجب عليك أن تتعامل معهم بعدل وإنصاف وتعطيهم حقوقهم الواجبة لهم وتلتزم بالعهود والمواثيق التي تبرمها معهم وأن لا يكون بغضك لهم وبراءتك من دينهم الباطل مانعا من إقامة العدل معهم أو مسوغا لظلمهم. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوخى العدل مع خصومه ويراعي الحقوق والمواثيق ولا يغدر والشواهد على هذا الأصل كثيرة في السنة.
كما ينبغي عليك أن تتعامل معهم برفق ولطف على وفق أخلاق العمل وتحقيق المصالح الدنيوية وتريهم من نفسك الصدق والأمانة والوفاء بالعهد والكرم ليروا الإسلام على صورته الحقيقية ويطلعوا على سماحته وعدله وشمائله وما يدعو إليه من مكارم الأخلاق مما يكون سببا في دخولهم فيه واعتناقه. فإن الدعوة بالفعل والقدوة أبلغ بكثير من الدعوة بالقول. كما أسلم كثير من الخلق لما رأوا سماحة الرسول صلى الله عليه وسلم وكرمه وعفوه ورحمته وبره بالخلق وشفقته عليهم ومحبة النصح لهم. لكن لا يجوز لك أن تتخذهم أصدقاء لك تسر إليهم وتأنس بهم وتفضي بأسرارك لهم لأن الله نهى عن اتخاذهم أولياء. قال تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ).
أما إلقاء السلام ففيه تفصيل:
1- من كان مسلما أو مظهرا للإسلام فيشرع السلام ورده عليه وإجراء أحكام الإسلام عليه ما دام ملتزما بشرائع الإسلام ولم يظهر عليه فعلا يوجب الردة بلا خلاف .
2- ومن كان كافرا من أي مذهب سواء كان كتابيا أو وثنيا أو ملحدا أو من طائفة مرتدة خارجة عن الدين فلا يجوز إلقاء السلام عليه وبدئه به لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه). رواه مسلم. فإن سلم عليه الكافر أو حياه رد عليه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود حين سلموا عليه ولما ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس قال: (إن أهل الكتاب يسلمون علينا ، كيف نرد عليهم ؟. قال النبي صلى الله عليه و سلم ، قولوا : و عليكم). وفي الصحيحين: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا ، و عليكم). ولا بأس بإلقاء التحية عليه بغير السلام كقوله أهلا وسهلا ونحو ذلك من التحايا بأي لغة لأن المصلحة راجحة حينئذ لمخالطتهم في مصلحة العمل ولم يرد نهي عن ذلك في الشرع فيبقى على أصل الإباحة. وكذلك خارج العمل إن دعت الحاجة لذلك أو خشي ضررا منهم سلم عليهم.
ويلحق في حكم السلام زيارتهم وقبول هديتهم وعيادتهم ونحو ذلك من التعاملات التي لم ينه عتها الشرع بخصوصها وفعلها النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار عند اقتضاء المصلحة.
و الله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
خالد بن سعود البليهد