بيت لحم – خاص :
شتاء الاحتلال فصلٌ طويل في فلسطين ، و رغم ذلك فإنّ ربيع الطبيعة جاء مبكّراً أكثر من المعتاد هذا العام ، و تفتّحت أزهار الأشجار و أينعت النباتات الملوّنة التي تظهر في ربيع كلّ عام ، و من بينها نباتات يمتع المواطنون نظرهم بها و أخرى يفضّل كثيرٌ من الفلسطينيين أكلها ، بعد أن يخرجوا إلى ما تبقّى لهم من براري و يقطفونها . و من بينها اللوف و الزعتر و العكّوب و غيرها ..
اللوف و أخوته :
نبات اللوف يحمل الاسم العلمي (لوف فلسطيني) ، و ذكره داود الأنطاكي في تذكرته ، مما يشير إلى أنّه ربما يكون معروفاً أيضاً خارج فلسطين .. و تعيش هذه النبتة في البساتين و الأماكن الرطبة و في المناطق الجبلية ، و كثيراً ما تظهر من بين الصخور بطلتها الخضراء اليانعة ..
و تحمل هذه النبتة تناقضاتٍ كثيرة داخلها ، فهي خضراء غامقة بشكلٍ جميل و ساطع ، و في الوقت ذاته فإنّ أوراقها تبدو خشنة ، و الأغرب أنها سامة بجميع أجزائها ، و رغم ذلك فإنّ هناك من يبحث عنها ليأكلها و تشكّل طبقاً مفضّلاً لدى كثيرٍ من الفلاحين الفلسطينيين ..
و عزّزت معلوماتٌ نُشِرت عنها كنبتة مقاومة للسرطان ، إلى إقدام أجيالٍ شابة بالبحث عنها ، و اختراع أطباق مختلفة منها تختلف عن تلك التقليدية التي تجيد طهيها كبيرات السن ..
و يقول أبو حسن عوينة ، و هو خبير أعشاب ، إنّ اللوف مقاومٌ فعلاً لأمراض السرطان ، و أنّ فوائده الطبية معروفة للعرب منذ القدم . و يضيف أنه بعد تجفيفه فإنّه يصبح غير سام ، و يتمّ طهيه بعد تجفيفه للتخلّص من سميته و للتخفيف من دسمه ..
و مثل اللوف فإنّ الكثيرين انطلقوا إلى ما تبقّى من براري في فلسطين للبحث عن نباتٍ مشهور هو الزعتر . و يقول الباحث البيئيّ عماد الأطرش إنّ الزعتر أو الصعتر هو من النباتات البرية المعمّرة ، و له رائحة عطرية ، و يستخدم كثيراً في الطبّ الشعبي و في الغذاء التقليدي الفلسطيني .
و يتحدّث كثيرون عن فوائده الطبية مثل معالجته للالتهابات الرئوية و السعال الديكي و تسكين آلام المعدة و يداوي الأمراض الجرثومية في المعدة و الأمعاء ، و مهدئٌ للأعصاب .. و هناك نبات آخر مرغوب يسمى اختصاراً العكوب و اسمه العلميّ (عكوب الجبل) ، و يتمّ طهي رأسه و ساقه و عروقه و ورقه .. و لا تمنع الأشواك المحيطة به المعنيين من قطفه و طهيه .
الحنون و الزوزو :
شقائق النعمان
قرن الغزال
الخردل في برية القدس
أزهار اللوز
افترشت الأراضي الخلاء هذه الأيام زهور حمراء جميلة يسمّيها الفلسطينيون (الحنون) و هي زهور مشهورة باسم شقائق النعمان و التي ارتبطت باسم النعمان بن المنذر ، و يحلو لكثيرٍ من الأدباء و الفنانين استخدامها في أعمالهم ..
و تنبت هذه الزهرة في البراري في الربيع ، و هذا العام نبتت مبكّرة جداً بسبب الأيام المشمسة الكثيرة التي تخلّلت شهري شباط و آذار ، و أيضاً بسبب الأمطار الغزيرة و الكافية التي هطلت مؤخّراً ، لأنّ هذه الزهرة تنبت بشكلٍ بعلي ، أي بدون ري و إنما تعتمد على مياه الأمطار .
و تقترن هذه الزهرة بزهرة أخرى جميلة اسمها العلمي هو (قرن الغزال) و لكن لها أسماء كثيرة مثل : الزوزو ، و الزعمطوط ، و قرن الغزال ، و عصا الراعي ، و بخور مريم ، و سيدو دويك الجبل و غيرها .. و ورقة هذه الزهرة تنمو بشكل قلب ، عندما تزهر يكون لون زهورها غامق ثم يتحوّل للوزن الزهري الفاتح ، و يطبخها البعض مع الأرز .
الخردل ألوان :
كثيرٌ من النباتات الجميلة التي تفترش مساحات شاسعة هي غير مرغوبة بين الفلاحين ، مثل نبتة الخردل ذات اللون الأصفر ، و لكن اسمها العلمي (الخردل الأسود) . و يلفت جمال هذا النبات الأنظار ، خصوصاً و أنه ينبت بكثرة في الحقول ، و لا يحبه الفلاحون و لكن له فوائد طبية عديدة و يستخدم لعلاج المفاصل و في كثيرٍ من الوصفات التي لا يعرف مدى صحة نتائجها في غياب تحارب معملية ..
و للخردل الأصفر أو الأسود شقيق هو الخردل الأبيض ، و مثل شقيقه يستخدم في الوصفات الطبية أو كسماد .. و لكن البعض لا يمانع في طبخ الخردل الأبيض ، و تقديمه كطبقٍ لذيذ .
و هناك نباتاتٌ أخرى بدأت تينع و تجد من يقطفها مثل البابونج المعروف و المرغوب بفوائده و تنوّع استخدامه ، و نبات أخضر يسمّى الخبيزة و خرفيش الجمال الذي تحيط برأسه الأشواك المدبّبة ، و الجعدة مرة المذاق و التي تستخدم في وصفاتٍ طبية ، و كذلك المريمية التي تُغلى لوحدها أو تضاف إلى الشاي ، و لبن الطير و هي نبتة بيضاء في وسط زهورها بقع صفراء ، تفتح في النهار و تغلق عيونها في الليل .
و أكثر ما يلفت الانتباه هذه الأيام هو أزهار شجر اللوز البيضاء و الأرجوانية التي تعلن عن نفسها بقوة في هذا الربيع الذي أتى قبل موعده ، في بلدٍ لا يبارحها شتاء الهموم و المصاعب .