من حق الآنسة نانسي عجرم أن ترفع رأسها عاليا وتزهو فخورة بأنوثتها المتفجرة، وتحررها الذي لا مثيل له.
ومن حق الآنسة دارين حدشيتي أن تفتح ذراعيها لاحتضان المجد كله ليس منقوصاً، وأن تنهار العظمة أمام قدميها.
وأخيرا فإن من حق الآنسة ماريا أن تكون رائدة في التحرر والنهضة، وأستاذة في فن الانطلاق والتفجر، واللااعتراف بالحواجز والحدود.
دعوني أولا وبعد أن منحت الآنسات الثلاث حقوقهن كاملة أن أستعير من الفنانة هدى سلطان مقطعا من أغنية غنتها في أحد المسلسلات، والذي عرض في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ولست أذكر اسمه، تقول هدى سلطان في الأغنية: تلت قمرات هلوا على سطوحي، وتلت يمامات على شجرة توت، توت... توت...توت.
في ثلاث أغنيات للآنسات الثلاث ثلاث ملاحظات وليعذرن تطاولي بتقديم ملاحظاتي على الورق، كوني فقدت القدرة على البوح وأنا أراهن يقدمن بضاعتهن رخيصة.
ملاحظاتي لا تتعلق برداءة الأغاني ولا بالأصوات والألحان، فهذا ليس مجالي الذي أخوض فيه، وله أناسه الذين هم أدرى مني بشعابه وتشعباته، على الرغم من أني سمعت آراء الكثير من العازفين ومؤلفي الموسيقى ونقادها وهم يتحدثون عن عصر انحطاط الأغنية والموسيقى العربية، وهم يشيرون إشارة واضحة لا ترميز فيها إلى الآنسات الثلاث وإلى سواهن من الأوانس والسيدات، والسادة أيضاً،
لكن مجالي الذي أزعم بأني ألم ببعض تفاصيله، وبأوليات درسه هو مجال المجتمع والتعليم والإعلام، وبناء عليه فإني سأنطلق في قراءتي للأغنيات الثلاث من هذه المعارف، ولنبدأ أولا بأغنية الآنسة نانسي عجرم وتحديدا من (فيديو كليب) الأغنية الأخيرة لها (إنت إيه) فالأغنية تصور سيدة (نانسي) تذهب مع زوجها إلى حفلة وهناك يبدأ الحدث فالزوج يبدأ باحتساء الكحول والضحك والتقافز حول السيدات الأخريات تاركاً زوجته في ركن قصي تراقب حركته بخجل وقهر دون أن تتدخل لتمنعه، بعد انتهاء الحفلة تركب السيدة سيارتها المرسيدس وإلى جانبها زوجها وفي الخلف تجلس المرأة التي كان يغازلها زوج السيدة مع زوجها المخدوع، يستمر زوجها بالتحرش بالزوجة في الخلف عن طريق المرآة، وزوجته تقود السيارة بتوتر وهي تحاول أن تضبط أعصابها.
تدخل السيدة بيتها وحيدة وتتقلب قليلا على سريرها بقميصها الداخلي، ثم تدخل إلى الحمام وتجلس بالقرب من (التواليت) وتبدأ تذكر معاناتها مع زوجها، وتختم مرددة: (وإن كان نصيبي أعيش في جراح حأعيش بجراح). وحين يعود زوجها تمسح دموعها وترسم ابتسامة على محياها لاستقباله!!
المرأة بوصفها نصف المجتمع من حقها ألا تكون الآنسة نانسي عجرم الناطقة الرسمية بلسانها، فالآنسة عجرم قبلت وباستكانة سخيفة خيانة زوجها لها، واستهتاره بكيانها، وقررت مسح دموعها، وفضلت أن تعيش (بجراح) على أن تتصرف كإنسان له حقوقه. تصوروا... في الزمن الذي تطالب فيه الكرة الأرضية كلها بالمساواة بين المرأة والرجل تطل هذه الفتاة الشرقية لتجرد المرأة من كيانها وتجعلها عبارة عن دمية، والغريب أن أغنية الآنسة نانسي تبث بعدل مرة كل نصف ساعة على مختلف القناة التلفزيونية العربية، ابتداء من القناة الأرضية السورية، وانتهاء بفضائية جيبوتي.