" حلفني بالله واغلظ اليمين ان ادعو الله ان يرزقه الشهادة وانا على جبل عرفات ، ولم ادري يومها كيف لساني نطق بها دون وعي مني واليوم ربي استجاب لي دعوتي " .
بهذه الجملة بادرتنا بالحديث والدة الشهيد حسين حسن ابو نصر منفذ عملية تفجير شاحنة بالقرب من الموقع العسكري الصهيوني عند مفترق الشهداء البوليس الحربي جنوب مدينة غزة صباح الجمعة 25/5/2001 والتي اعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس مسئوليتها عن هذه العملية الاستشهادية والتي اسفرت عن استشهاد منفذها فقط وفق الادعاءات الاسرائيلية فيما اعلنت حركة حماس عن نجاح العملية في تفجير الموقع العسكري الاسرائيلي . واضافت والدة الشهيد وهي تذرف دموع الحزن " اوصاني قبل ان يغادر المنزل في منتصف ليلة استشهاده ان اوزع الحلوى والشراب يوم زفافه الذي وعدني ان يكون صباح اليوم التالي بقوله سأعمل لك بكره أحلى عرس وسيحضره الجميع وانا لا ادري انه يقصد بزفافه عرس استشهاده واكملت الام المكلومة وهي تمسح دموعها " واقسمت بربي ان اوزع له الحلوي صباح كل اثنين لانه اختار ابني شهيدا وفاز بما كان يتمناه عدة سنوات ، فكثيرا ما بكيته حتى وهو جالس امامي لاني كنت اشعر دائما انه حسين شهيد حي امامي ومنذ استشهاد صديقيه أنور الشبراوي وعبد الله المدهون بتاريخ 1/4/97 عند المفترق وانا اعتقد في كل لحظة انه سيأتي اليّ بحسين شهيدا محمولا على الاكتاف . زفه للحور وقاطعتها أخت الشهيد ليلى قائلة " كان حسين ليلة استشهاده على خير عادته هادئ ، شارد الذهن وكأنه يدفن في صدره سرا عميق فخفت عليه كثيرا وشعرت بضيق شديد في صدري وكأني أتنفس من خرم إبرة وأخذت ابكيه وهو جالس امامي وحاول ان يهدئني ويقص عليّ رؤياه بأنه يقف بجوار صديقه الشبراوي والمدهون ورسول الله صلى الله عليه وسلم في روضة من رياض الجنة فأيقنت من هذه الرؤيا انه حتما سيختاره الله شهيدا وفي الصباح الباكر اسرعت إلى منزل اهلي لاكحل عيني برؤيته واساعد والدتي في عمل الفطير الذي كان يحبه كثيرا ولكن .. واكملت ليلى وقد اختنقت عبراتها " وللأسف لم يحضر حسين ولم يتذوق الفطير ولم يلبس حتى بدلة زفافه التي اشتراها اخاه ليزف بها الى ابنة عمه في شهر يوليو القادم حتى غطاء النوم الذي احضرته له والدته ليوم زفافه غطى به وهو شهيد لقد كان يشعر دائما انه لن يزف الى أي من بنات الدنيا لذلك لم يبدي اهتمام بما نحضره لزفافه وكثيرا ما كان يهزأ عندما نشتريه قائلا " لماذا تتعبون انفسكم بشراء كل هذا المتاع الزائد سأتزوج دون ان اكلفكم بشراء شيء لان كل ما احتاجه انا وزوجاتي جاهز منذ سنوات وينتظر قدومي . ويذكر ان للشهيد ابو نصر سبعة اخوة وهو الخامس بينهم واربعة اخوات وقد سبقه في الشهادة اخاه الأكبر منه عبد الله خلال انتفاضة عام 87 . وفي موكب جنائزي مهيب شيع جماهير غفيرة الشهيد ابو نصر الى مثواه الاخير دون ان يتمكن اهله من إلقاء النظرة الاخيرة عليه لان جسده تحول الى أشلاء متناثرة ومفحمة وهو ما زاد والدته وأخواته حزنا عليه وحول ذلك تضيف والدته التي لم تستطع الخروج مع المشيعين كنت اود ان اكحل عيني برؤيته مثل كافة امهات الشهداء ولكن يكفيني فخرا ان ولدي فجر بجسده موقع القتل الصهيوني الذي اصطاد من خلاله جيش الاحتلال عشرات الشهداء الفلسطينيين .